الاثنين، 23 فبراير 2015

نحو إنشاء منطقة محمية بإقليم جبال بابور .

الدراسة ممونة من طرف صندوق شراكة الأنظمة البيئية الهامة (CEPF) المتعدد الجنسيات..

يتواجد ببلديتي بابور و واد البارد هذه الأيام مجموعة من الخبراء و الباحثين في مجال البيئة و الفلاحة في مهمة تتعلق بإنجاز دراسة شاملة لإنشاء محمية في إقليم جبال بابور بولاية سطيف ، الدراسة  ممونة من طرف منظمة الأنظمة البيئية الهامة (CEPF) و هو صندوق تأسس سنة 2000 بمبادرة مشتركة بين الوكالة الفرنسية للإنماء و منظمة الامم المتحدة للبيئة و التنمية  و بمساهمة من طرف حكومة اليابان و البنك الدولي و منظمات أخرى غير حكومية حيث يوفر الصندوق للمنظمات غير الحكومية المساعدة المالية و التقنية لانجاز البحوث و الدراسات لمشاريع تتعلق بحماية النظم الايكولوجية في جميع أنحاء العالم ، و قد أختار الصندوق في الجزائر كل من جمعية التبادل الفكري في مجال التنمية و البيئة (ARED-ED) و هي جمعية وطنية تنشط في مجال حماية التراث الثقافي و الطبيعي  و تعزيز مبادئ التنمية المستدامة  و كذا المعهد الوطني الجزائري للبحث الزراعي (INRA) كشريكين وطنيين لإنجاز الدراسة الايكولوجية لإقليم جبال بابور.


لماذا تم اختيار منطقة بابور ؟

و قد تم اختيار إقليم جبال بابور الذي توجد اعلي قمة به على ارتفاع 2004 متر عن سطح البحر لإنجاز هذه الدراسة لعدة اعتبارات منها أن المنطقة تعتبر رئة خضراء لسكان ثلاث ولايات هي  سطيف ، بجاية و جيجل  إضافة للبيئة عالية الجودة التي تجعل من المنطقة ككل فضاء لممارسة السياحة الجبلية وسط مناظر خلابة و طبيعة عذراء تبهر الزائر ، و يعتبر جبل بابور أيضا مصدر للثروة المائية العذبة و النقية فهو يروي عدة مدن منها مدينة سطيف ، عموشة ، تيزى نبشار و اوريسيا و تخزن مياهه أيضا في سدين هما سد "إراقن"بولاية جيجل  و سد "إغيل إمدى" بخراطة ولاية بجاية، كما يصنف جبل بابور من أغنى المناطق تنوعا و ثراء من حيث النباتات و الحيوانات بوجود 416 نوع من النبات 23 نوع محمى قانونا منها نباتات و أشجار فريدة من نوعها و مجموعة من الفطريات النادرة ، و يشتهر جبل بابور أيضا بامتلاكه لأكثر من 15 حيوان بري من بين 47 حيوان المشكل للمخزون الوطني و في صنف الطيور يشتهر جبل بابور بامتلاكه للطائر النادر كاسر الجوز القبائلي الذي اكتشفه  العالم البلجيكي المتخصص في الطيور(   (Jean-PaulLedantسنة 1975و  قد فاجأ خبر هذا الاكتشاف الكثِير من عُلماء الطُيور حينذاك ، وشكل موضوعًا تداولنه وسائل الإعلام الدَولية.




المنطقة لها مؤهلات من ارث ثقافي مع  مكونات طبيعية لتكون نموذج فريد للتنمية المحلية المستدامة.

و بالعودة إلى تاريخ المنطقة ،فقد استوطن إقليم بابور قديما سكان مزارعين تأقلموا مع تضاريس المنطقة فكانوا شدادا غلاظا أطلق عليهم اسم البافاريين أو الباباريين و هو مشتقا من اسم مجموعة القبائل الأمازيغية و ليس هناك دلالات تاريخية لإثبات العلاقة بين اسم الجبل (بابور) و سكان المنطقة من البابار ، غير أن بعض المؤرخين تكلموا عن دورهم في إنهاك الإمبراطورية الرومانية بشمال إفريقيا حتى زوالها نهائيا و تدمير مدنها القريبة من الإقليم   كمدينة سطافيس ، ستيفيس ، كويكول و مونس  ، و إذا كانت كتب التاريخ  لم تذكر بالتفصيل دور سكان الإقليم بعد انهيار الدولة الرومانية و بروز الخلافة الإسلامية إلا أن  هناك بعض الكتابات التي تتحدث عن التعايش الذي كان بين السكان الأصليين للإقليم  و الحكام و خاصة في فترة الدولة الفاطمية التي كانت عاصمتها "إقوجان" بني عزيز حاليا و هي قريبة جدا من الجبل . أما في فترة الاحتلال الفرنسي للمنطقة فقد أعطيت أهمية بالغة  للإقليم و أنشئت ثكنة عسكرية بمنطقة  ببوصلدوع لمراقبة تحركات المجاهدين بالجبل و تم شق طريق وسط الأدغال و الأشجار يمتد على مسافة أكثر من 15 كلم و في سنة 1921 صدر قرار بجعل الإقليم محمية طبيعية على مساحة 2367 هكتار ثم قلصت بعد سنة إلى 1701 و قد ساعد هذا القرار حينذاك  بالسيطرة على تجارة الخشب  التي كانت محتكرة من بعض القياد و المعمرين الذين كثيرا من نهبوا أجود أنواع الخشب المستخرج من غابة الجبل .




بعد الاستقلال لم تولى الدولة الاهتمام اللازم لتنمية المنطقة  حيث لم نسجل أي مشاريع  كبيرة و خاصة ما تعلق بالمشاريع السياحية التي كانت من شانها إعطاء قيمة إضافية للتنمية  باعتبار المنطقة تتميز بتراث ثقافي و بيئي فريد من نوعه في  حوض البحر الأبيض المتوسط ،  و جاءت سنوات التسعينات و انعدم الأمن تماما بالمنطقة و احتمت الجماعات الإرهابية داخل الجبل و جعلته قاعدة صلبة و متينة  لتزيد المنطقة تخلفا و معاناة حيث أخليت عدة قرى محاذية للجبل من كل سكانها و أحرقت المدارس و اقتلعت الأشجار و دمرت الحدائق و هجر المزارعين أراضيهم و تخلوا عن زراعتهم الجبلية فأصبحت الأرض بور و ارتفعت نسبة البطالة وسط  الاهالى الذين نزحوا للمدن القريبة و دام هذا الأمر حتى أواخر سنة 2003 حين تمكنت قوات الجيش الوطني الشعبي مدعومة بمختلف قوات الأمن من تحرير الجبل  من الإرهابيين و القضاء على مجموعة كبيرة منهم و تحرير نساء مع أطفالهن (40 طفل) ولدوا بالجبل في مغارات لا تزال أثارها شاهدة  ليومنا هذا .


اليوم ستكون الفرصة مناسبة جدا للاستثمار في هذه المنطقة و جعلها محمية طبيعية بقوة القانون و استفادتها من الامتيازات  التي توفر للمحميات الطبيعية و خاصة  إنشاء منشآت قاعدية تعطى فرص استثمار في النشاط السياحي و الزراعى مع المحافظة على الثروات غير الزائلة لهذه المنطقة الرائعة التي لها كامل المهلات لتكون نموذج فريد للتنمية المحلية المستدامة.

عاشور جلابي .

المصدر: موقع سطيف نيوز 22 سبتمبر 2014




ضع تعليقك

saveform.net02

savefrom.net

SHARE

vers le haut